- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
نص كلمة رئيس مجلس النواب في الجلسة غير الاعتيادية بسيئون
2019/04/14
الساعة 08:17 مساءاً
(الأحرار نت/ متابعات خاصة)
كلمة رئيس مجلس النواب الشيخ سلطان البركاني في الجلسة غير الاعتيادية لمجلس النواب في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت.
نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد الصادق الأمين
فخامة الأخ رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي
دولة الأخ نائب رئيس الجمهورية
دولة الأخ رئيس مجلس الوزراء
معالي رئيس البرلمان العربي د. مشعل فهم السلمي
السادة رؤساء وأعضاء البعثات الدبلوماسية المحترمون
ضيوفنا الأفاضل كلاً باسمه وصفته
باسمي شخصياً وباسم زملائي أعضاء هيئة الرئاسة والإخوة أعضاء المجلس أحييكم أحر تحية وأرحب بكم أطيب ترحيب وأشكر لكم مشاركتكم لنا هذا الحدث التاريخي الفاصل.
وأتوجه إليكم أيها الزملاء بخالص التقدير والعرفان على الثقة التي أوليتمونا إياها بانتخابي وزملائي كرئيس وأعضاء هيئة رئاسة مجلس النواب، في ظروف وطنية وإقليمية بالغة الدقة والتعقيد، والتي أسأل الله العلي العظيم أن يمنحني وزملائي أعضاء هيئة الرئاسة القوة والقدرة والتوفيق لنكون أهلاً بدوام الثقة التي نراها أمانةً ملقاةً على عاتقنا تستوجب كل الجهد والإخلاص حتى نتمكن من تحقيق كلما يؤمله شعبنا العظيم من مجلسنا الموقر.
كما إني وباسمكم جميعاً أوجه الشكر والتحية والعرفان لمحافظة حضرموت، وتحديداً مدينة سيئون، هذه المدينة المسكونة بعبق التاريخ والحضارة والتنوير، الذي أهدته إلى البشرية في بقاع شتى من هذا الكوكب الذي نعيش عليه، وعبر أبنائها الأوائل شقت الدعوة الإسلامية طريقها شرقاً كما نقلت في طريق تجارتها حضارةً وعلماً.
وها هي اليوم تعلن عن نفسها عاصمةً لنواب الشعب الذين تقاطروا إليها من كل أنحاء اليمن، شرقاً وغرباً، جنوباً وشمالاً، بعد فراق عاصمتهم الحبيبة عاصمة الدولة اليمنية مدينة صنعاء التي سطا عليها الانقلاب العابث بالدستور والقوانين، والمروع للأهالي، وحول العاصمة إلى مرتعٍ للعصابات والفوضى لاستعباد أهلها، وإذلال قادتها قتلاً واعتقالاً وبطشاً وتكميماً للأفواه، ومصادرةً للحريات والحقوق، وتغييراً للهوية والثقافة خدمةً لمشروع فئوي استعبادي جعل الخرافة منهجاً، والسلالة مرجعاً، والبطش والتنكيل سيفاً لإخضاع اليمانيين لسلطاته الهوجاء، وكل هذا وغيره تنفيذاً لمشروعٍ فارسي مشدود إلى الماضي بثاراته وهزائمه، ويسعى اليوم إلى تصفية حساباته ومد نفوذه في هذا المحيط الجغرافي الممتد من اليمن إلى لبنان لتطويق الخليج، والإطلال على مصر، والشمال الأفريقي.
الأخوة نواب الشعب:
بعد أربع سنوات من الحرب المفروضة على شعبنا بفعل الانقلاب على الدولة الشرعية والإجماع الوطني، وبعد أن اصطدمت كل الجهود الدولية والإقليمية والمحلية لإحلال السلام، وإيقاف الحرب بالمصدات الانقلابيةِ المستهترة بدماء الناس، ومعاناتهم. وبعدما تلاشت الآمال في تحقيق السلام كل هذا الوقت بدا الأمر مستحيلاً أن يلتئم مجلس النواب في عاصمة الدولة، مدينة صنعاء لأداء واجبه أمام الشعب الذي منحه الثقة، فكان لابد من إعمال المواد الدستورية والقانونية الخاصة بمجلس النواب والتي تجيز انعقاده في أي مكان في الجمهورية اليمنية حال وجود قوة قاهرة تمنعه من أداء مهامه في عاصمة الدولة، ولذلك كان اختيار هذه المدينة، مدينة سيئون، إسهاماً في تطبيع الأوضاع في المناطق المحررة، ليستأنف نواب الشعب مهامهم الدستورية في ظل أوضاعٍ تستوجب أن يضطلع النواب بواجبهم الدستوري لمساندة الناس في ابتكار حلولٍ تخفف المعاناة وتقدم دليلاً على وجود الدولة من خلال مؤسستها الرسمية التشريعية جنباً إلى جنب مع الحكومة، ومؤسسة الرئاسة، وكل المؤسسات العاملة خارج سلطة الانقلاب.
وفي هذا الصدد اسمحوا لي باسمكم جميعاً أن أوجه التحية والشكر لفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي الذي بموجب صلاحياته الدستورية تبنى دعوة المجلس لاستعادة دوره وانتظام جلساته وبذل في سبيل ذلك جهداً مشكوراً مذكوراً يستحق عليه كل الثناء والعرفان.
هذا الموقف النبيل لفخامة الأخ الرئيس يأتي امتداداً لتصديه المستمر للانقلاب وإصراره على هزيمته ليتمكن شعبنا من استعادة دولته ونيل حقوقه وحريته.
كما أوجه باسمكم الشكر والتقدير للدكتور معين عبدالملك سعيد وحكومته التي أسهمت إسهاماً جاداً في تهيئة الظروف الأمنية واللوجستية جنباً إلى جنب مع الجهد والدعم السخي والبناء الذي تقدمه دول التحالف العربي وفي طليعتها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
وهنا لا بد من التنويه الصادق بالدور الأخوي الملتزم بميثاق الجامعة العربية واتفاقية الدفاع العربي المشترك الذي تؤديه دول التحالف العربي بقيادة القادة العرب الجسورين خادم الحرمين الشرفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وولي عهده الأمير محمد بن سلمان ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان وولي عهد أبو ظبي سمو الشيخ محمد بن زايد الذين قادوا هبةً عربيةً مستحقة لنجدة شعبٍ تعرض لغزو العصابات القادمة من عصورٍ لا تنتمي إلى قوانين الإنسانية والحياة المعاصرة.. فكانت استجابتهما لنداء الواجب وطلب القيادة الشرعية عملاً عروبياً وإنسانياً سيظل محفوراً في ذاكرة الأجيال رمزاً للأخوة والوفاء.
نعم.. سيخلدها التاريخ نصرةً خالصة ودعماً أخوياً كريماً صادقاً.
الأخوة نواب الشعب
ان اجتماعكم كممثلين للشعب في هذه الظروف المضطربة يضاعف مسؤوليتنا الوطنية والأخلاقية ويجعلنا جميعاً امام اختبار صعبٍ لا مفر من اجتيازه والنجاح فيه.. فالجماهير اليمنية تتطلع إليكم لابتكار وسائل السلام والتعايش بين مكونات المجتمع بمختلف توجهاته انطلاقاً من إيمان مطلق وقناعةٍ راسخة بأن الوطن هو ملك لكل أبنائه دون استثناء.
وعلى من أغرته القوة وأخرجته عن جادة الإجماع الوطني أخذ العبر والدروس من مآسي هذا الصراع الدامي الذي أشعل فتيله في لحظة طيشٍ غير محسوب تنفيذاً لمخططٍ يستهدف اليمن وجيرانه وما أنتجه هذا الفعل الأرعن من أهوالٍ وفواجع أتت على كل مظاهر الحياة في وطننا الغالي أهلكت الحرث والنسل وخلَّفت من الأحقاد والثارات والتدمير النفسي والاجتماعي ما لا تقوى على نسيانه ذاكرة الأجيال.
إننا وفي الوقت الذي نُعلِن فيه إصرارنا على استعادة الدولة وتحقيق الانتصار الحاسم والنهائي على الانقلاب، وندعو أشقاءنا إلى دعم مجهودنا الحربي في مواجهته، إننا في ذات الوقت نمد أيدينا إلى السلام وندعم كل جهدٍ مخلص يسعى إلى تحقيقه سواءً كان جهداً محلياً أو إقليمياً أو أممياً وبالذات جهود الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص السيد مارتن غريفيثس باعتبار خيار السلام هو خيارنا الاستراتيجي الأصيل لتصبح الجمهورية اليمنية بشعبها وموقعها الجغرافي أحد روافد السلام العالمي في منطقة مهمة على خارطة المصالح الدولية.
وندعو أيضا جماعة الحوثي أن تجنح إلى السَّلْم وتتخلى عن العنف وأن تتحول الى مكون سياسي يمارس وجوده وحقوقه وفقاً لمحددات القانون والدستور ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني مستفيداً من عبر التاريخ وتجربة اربعة اعوام من الصراع نعتقد أنها جديرة بالاعتبار لنتمسك جميعا بخيارات السلام. فلقمة يابسة فيها سلام خيرٌ من بيت مليء بالذبائح والحطام.
الأخوة نواب الشعب
إنكم أيها الإخوة وبحكم تمثيلكم البرلماني للجماهير اليمنية مطالبون بالعمل على رفع المعاناة عن المواطنين وايجاد صيغة جامعة تراعي مصالح الجميع ونبذ تحقيق المصالح السياسية بالعنف... كما ندعو كل المكونات حاملة المطالب السياسية والحقوقية أيضاً إلى نبذ المشاريع التمزيقية ونؤكد أننا بحاجة لمراجعة مسار الوحدة اليمنية بما يكفل الحقوق للجميع دون انتقاص أو تمييز بين مواطن وآخر ومنطقة وأخرى في ظل دولةٍ اتحاديةٍ تعزز الوحدة الوطنية وتحقق العدالة والتوازن في السلطة والثروة والنفوذ.
ولا بد من التأكيد أننا جميعاً نواب الشعب مطالبون بالخروج بمشروع سياسي يحافظ على وحدة النسيج الاجتماعي وصيانة التراب اليمني، ويعيد لليمن أمنه واستقراره ومكانته المحترمة بين دول وشعوب الأرض ونطالب مسؤولي الأجهزة الحكومية بالعودة إلى العاصمة المؤقتة عدن وممارسة مسؤولياتهم تجاه الشعب من داخل الوطن وتلمس احتياجات المواطنين والوقوف بجدية ومسؤولية وصدق أمام القضايا الوطنية عن قرب.
كما ندعو الحكومة أيضاً الى حشد كل موارد الدولة وتوجيهها لخدمة مصالح الناس ورفع المعاناة عن جماهير الشعب التي أنهكها الانقلاب وما نتج عنه من الحروب وكذا ندعو الأشقاء والأصدقاء إلى سرعة تحمل مسئولياتهم في تقديم الدعم للشعب اليمني للتخفيف من المعاناة الإنسانية وإعادة الإعمار وفق برنامجٍ وطني تشاركي تعده الحكومة بالتنسيق مع مجلسكم الموقر لتحديد الأولويات الملحة والاستحقاقات العاجلة.
وفي هذا الصدد لا بد من التأكيد على مبدأ تحييد موارد الدولة وضمان تحصيلها وحسن إدارتها وإنفاقها في كل المناطق الواقعة تحت سلطة الانقلاب أو سلطة الدولة الشرعية إيماناً منا بأن أي محاولة لتوظيف موارد الوطن في الصراع لا يتضرر منه سوى المواطن المغلوب على أمره في أي بقعة جغرافية.
ونؤكد أيضا أننا لن نقبل الانتقاص من سيادة الشعب اليمني على أرضه ولن نحيد مطلقاً عن التمسك بمبادئ وأهداف النظام الجمهوري والوحدة اليمنية واثقين من هزيمة كل مشاريع ومحاولات إعادة الحكم الامامي المتخلف إلى بلادنا باعتباره ليس سوى محاولاتٍ خارجةٍ عن منطق التاريخ وحركة تطوره التي لا تقف ولا تعود إلى الخلف نزولاً عند رغبة أحد.
وفق الله الجميع لما فيه خدمة شعبنا وأمنه واستقراره واستعادة دولته.
الرحمة للشهداء. والشفاء للجرحى.
والنصر لليمن والعروبة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إضافة تعليق
